مغاير لما استودع ، وإنما تجب التورية عليه مع علمه بها (١) ، وإلا سقطت ، لأنه (٢) كذب مستثنى للضرورة (٣) ترجيحا (٤) لأخف القبيحين (٥) حيث تعارضا.
(وتبطل) الوديعة (بموت كل منهما (٦) : المودع والمستودع ، كغيرها من العقود الجائزة ، (وجنونه وإغمائه) وإن قصر وقتهما (٧) (فتبقى) في يد المستودع على تقدير عروض ذلك للمودع ، أو يد وارثه (٨) أو وليه أو يده (٩) بعد صحته (١٠)
______________________________________________________
(١) أي مع علم الودعي بالتورية.
(٢) أي الحلف.
(٣) وهي حفظ مال المسلم.
(٤) تعليل للاستثناء.
(٥) والقبيحان هما قبح الكذب وقبح إذهاب حق الآدمي ، فيقدم حق الآدمي ويجوز الكذب حينئذ.
(٦) قد تقدم أن الوديعة عقد جائز من الطرفين ، وإذا كانت كذلك فتبطل بموت كل واحد منهما أو جنونه ، للإجماع على بطلان العقود الجائزة بذلك.
فلو عرضت هذه الأمور للمالك فتبقى الوديعة في الودعي أمانة شرعية لا مالكية ، والفرق بينهما أن المالكية ما كانت بإذن المالك ، والشرعية ما كانت بإذن الشارع دون المالك ، وهنا لا إذن للمالك بعد جنونه أو إغمائه أو موته فتكون شرعية.
هذا من جهة ومن جهة أخرى فالأمانة الشرعية غير مضمونة لإذن الشارع له في وضع يده عليها إلى أن يردها ، ومن جهة ثالثة فمن حكم الأمانة الشرعية وجوب المبادرة إلى ردها على الفور إلى مالكها أو من يقوم مقامه ، فإن أخّر عن ذلك مع قدرته يضمن ، ولو تعذر الوصول إلى المالك أو من يقوم مقامه سلّمها إلى الحاكم لأنه ولي الغائب ، ووجوب ردها فورا لعدم إذن المالك ، وما إذن الشارع بوضع اليد عليها إلا لحفظها وإيصالها إلى مالكها وهذا ما يقتضي الوجوب الفوري للرد ، بخلاف الأمانة المالكية فلا يجب ردها إلا مع طلب مالكها ، لأن وضع الودعي يده عليها إنما كان بإذن من المالك ، ومن جهة رابعة فلو عرضت هذه الأمور للودعي فتبقى الأمانة تحت يد وارثه أو وليه إلى آخر ما ذكر من أحكام الأمانة الشرعية.
(٧) أي وقت الجنون والإغماء.
(٨) أي وارث الودعي.
(٩) أي يد الودعي.
(١٠) أي بعد صحة الودعي من الجنون أو الإغماء.