ويكفي الفعل في القبول (١) ، بل لو استفيد رضاه من غير (٢) الألفاظ كالكتابة (٣) ، والإشارة ولو مع القدرة على النطق (٤) كفى.
ومثله (٥) ما لو دفع إليه ثوبا حيث وجده عاريا (٦) ، أو محتاجا إلى
______________________________________________________
(١) كما عن الكثير من الأصحاب ـ كما في المسالك ـ لما ذكروه في الوديعة والوكالة ونحوهما من أن المقصود من القبول هو الرضا ، وقد يتحقق الرضا بنفس الفعل ، لجريان العادة بمثله ، وعن بعضهم اشتراط اللفظ في القبول كاشتراطه في الإيجاب ، وعلّل كما في الرياض بأنه هو الموافق للأصل ، إذ الأصل هو اللفظ في العقود ، وفيه : قد عرفت في كتاب البيع أن المدار على صدق العقد عرفا ، ومن الواضح صدقه على كل ما يدل على إنشاء الإيجاب والقبول سواء كان باللفظ أو بالفعل أو بالكتابة ، ولذا جوّزنا المعاطاة في البيع وفي بقية العقود اللازمة إلا ما خرج بالدليل كالزواج والطلاق.
(٢) فإذا كان الفعل كافيا في القبول لكشفه عن الرضا ، فكل ما دل على الرضا من غير الألفاظ كالكتابة والإشارة يكون كافيا أيضا ، هذا بالنسبة لشرح عبارة الشارح ، وإلا فقد عرفت أن المدار على صدق العقد ، وهو صادق في الفعل وغيره مما يدل على إنشاء الإيجاب والقبول.
(٣) أما على المبنى المتقدم من عدم حصر الإنشاء باللفظ فواضح ، وأما على مبنى الشارح من الاقتصار في العقود اللازمة والجائزة على الألفاظ فهو مشكل ، لأن صدق العقد على غير اللفظ في مقامنا موجب لصحة العقد وصدقه بغير الألفاظ في بقية العقود ، وعلى تقدير المنع في البقية فيجب الالتزام بالمنع هنا فلا تغفل.
(٤) لأن الفعل كاف في الرضا مع القدرة على النطق فكذلك الكتابة والإشارة.
(٥) أي ومثل الفعل في القبول الفعل في الإيجاب ، بحيث يكون كافيا في الإنشاء.
(٦) قال العلامة في التذكرة : (لا تفتقر العارية إلى لفظ ، بل يكفي قرينة الاذن بالانتفاع من غبر لفظ دال على الإعارة أو الاستعارة ، لا من طرف المعير ولا من طرف المستعير ، كما لو رآه عاريا فدفع إليه قميصا فلبسه تمت العارية ، وكذا لو فرش لضيفه فراشا أو بساطا أو مصلى أو حصيرا ، أو ألقى إليه وسادة فجلس عليها ، أو مخدة فاتكأ عليها ، كان ذلك إعارة) انتهى. وظاهره أن الإيجاب والقبول لا يحتاجان إلى اللفظ بل يتحققان بالفعل ، وهذا ما أرسله الشارح هنا ، إلا أن الشارح اكتفى بالفعل في إنشاء الإيجاب ولم يتكلم عن قبوله وأنه باللفظ أو بالفعل ، وإن كان السياق يقتضي أن يكون القبول بالفعل ، والشارح جعل هذا المورد مساويا لما سبق ، مع أن السابق هو الاكتفاء بالفعل في القبول وما عطف عليه هنا هو الاكتفاء بالفعل في الإيجاب والقبول ، وإن كان مثله من ناحية كفاية الفعل.