لأنه أنفعها ، وأظهرها في أصل الشرعية (١) ، وهو (٢) نخل الحجاز الذي يسقى من الآبار مع كثرة مئونته.
وشرعا (٣) (معاملة على الأصول بحصة من ثمرها) (٤). فخرجت بالأصول المزارعة ، وبالحصة الإجارة المتعلقة بها (٥) فإنها لا تقع بالحصة (٦) ، والمراد بالثمرة معناها المتعارف (٧) لتردده في المعاملة على ما يقصد ورقه وورده ، ولو لوحظ
______________________________________________________
(١) قال الشارح في المسالك : (المساقاة مفاعلة من السقي ، وخص الاشتقاق منه ـ أي السقي ـ دون باقي الأعمال التي تتوقف عليه المعاملة ، لأنه أظهرها وأنفعها في أصل الشرعية ، لوقوعه بالحجاز التي يسقى فيها النخل من الآبار ، ولأنه أكثر مئونة وأشد مشقة من غيره من الأعمال ، وعرفا ما ذكره المصنف) انتهى ، وما ذكره المحقق (فهي معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرتها).
وعليه فالمراد بأصل الشرعية أن لفظ المساقاة قد وضع في زمن الشارع لهذا المعنى ، وهو المفاعلة من عمل العامل من سقي وتهذيب وإصلاح ومن عمل المالك لأمره بذلك ، وقد خصّ الاشتقاق من السقي لأن الوضع قد تم في الحجاز ، وأهل الحجاز أكثر حاجة إلى سقي نخلهم من الآبار دون بقية الأعمال ، وقد نقل لفظ المساقاة بحسب الحقيقة المتشرعية إلى أنها معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرتها ، وهذا النقل إلى المتشرعية هو المعبّر عنه بالعرف في المسالك ، وبالشرع في الروضة هنا.
(٢) أي الوضع في أصل الشرعية.
(٣) أي بحسب الحقيقة المتشرعية ، وقد عبّر عنه في المسالك بالوضع العرفي.
(٤) فالمعاملة جنس يتناول كل معاوضة ، وبقيد (على الأصول) تخرج المزارعة لأنها العاملة على الأرض ، وبقيد (بحصة من ثمرتها) تخرج إجارة الأرض المشجرة وإن صحت ، ولكن لا تصح بحصة من ثمرة الشجر نفسه ، بل لا بد من كون العوض معينا مضمونا في الذمة.
هذا وعرّفها الكثير (بأنها معاملة على الأصول الثابتة بحصة من ثمرها) ، وبقيد (الثابتة) تخرج الخضراوات والمغارسة ، وهي أن يقدم المالك الأرض للعامل على أن يغرسها ليكون الشجر بينهما بحسب الشرط القائم بينهما.
(٥) أي بالأصول الثابتة.
(٦) أي بالحصة من ثمر نفس الشجر بل بأجرة معينة معلومة مضمونة.
(٧) وهو ما يؤكل ، ولا يراد بالثمرة كل نماء للشجر مقصود عند الغارس وإن لم يؤكل ، كورق الحناء الذي يقصد عند غرس شجره مع أنه غير مأكول ، فلا يراد ذلك لأن المصنف قد تردد في صحة المساقاة على ما يقصد ورقه وورده.