يتحقق في نفس هذا المسير ..
وقد فاجأهم هذا الأمر ، إلى حد : أنهم امتنعوا من طاعة أمر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بالإحلال في مواضعهم ، والتأهب للعودة كما سنرى ..
ولعله لولا ما رأوه من مزيد عناية الله تعالى بهم ، ومن معجزات وكرامات إلهية لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» لتجاوز الأمر حدود الشك إلى ما هو أعظم وأدهى ، وأشر وأضر على دينهم ويقينهم.
النبي صلىاللهعليهوآله عارف بالأمور ويستعين بالعارفين :
تقول النصوص : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» هو الذي أخبرهم بأن خالد بن الوليد قد وصل في خيل لقريش إلى الغميم ـ طليعة لقريش ـ ولم يظهر من إخباره هذا أنه قد تلقى ذلك من العيون .. وإن كان ذلك محتملا ـ ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» قد سلك طرقا معينة استطاع باختياره لها أن يفاجئ خالد بن الوليد ، حتى لتقول الرواية : «فو الله ، ما شعر بهم خالد ، حتى إذا هم بقترة ـ أي بغبار ـ الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش».
وهذه المفاجأة من شأنها أن ترهب خالدا ومن معه ، وأن تربكهم بحيث يفلت زمام المبادرة من يدهم ..
وقد ظهر مما تقدم : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان عارفا بالمسالك ، مطّلعا على المفاوز ، بأسمائها ومواصفاتها ، فهو يأمر أصحابه بسلوك فجاج معينة ، ويوجه مسيرتهم في اتجاهات محددة ، ولكنه مع ذلك يطلب من بريدة أن يكون هو الدليل للناس. ويحمل هذا التصرف من الدلالات والمعاني ما لا يخفى ..