وسيكون من يتولى المدينة في غياب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» غير مطالب بكثير من الجهد في الحراسة والحفظ ..
لماذا تثاقل الأعراب عنه؟!
ذكرت النصوص : أن جماعات من الأعراب الذين كانوا حول المدينة ، وكذلك غيرهم قد تثاقلوا عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، خشية من قريش أن يحاربوه ، أو أن يصدوه عن البيت ، كما صنعوا ، وقالوا : أنذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة ، وقتلوا أصحابه ، فنقاتلهم؟!
واعتلّوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم ، وأنه ليس لهم من يقوم بذلك فأنزل الله تعالى تكذيبهم في اعتذارهم هذا ، فقال : (يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ..) (١).
وذكرت النصوص أيضا : أنه «صلىاللهعليهوآله» سلك طريق البيداء ، ومر فيما بين مكة والمدينة بالأعراب من بني بكر ، ومزينة ، وجهينة ، فاستنفرهم فتشاغلوا بأموالهم ، وقالوا فيما بينهم : يريد محمد يغزو بنا إلى قوم معدين في الكراع والسلاح ، وإنما محمد ، وأصحابه أكلة جزور ، لن يرجع محمد وأصحابه من سفرهم هذا أبدا ، قوم لا سلاح معهم ولا عدد (٢).
ونقول :
١ ـ ظاهر كلامهم هذا : أنهم أناس يحبون أنفسهم ، ويهتمون بمصالحهم ، وأن إيمانهم ليس خالصا ، ولا صحيحا ، لأنهم قد اتخذوا
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٩.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٤ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٠٢.