لهم الأمن والفوز والفلاح في الآخرة ..
بل إن ذلك كله يجعل هذا الإنسان ليس فقط لا يهتم بالحفاظ على نفسه وحياته ، وإنما هو يلتذ ويسعد حين يضحي بالنفس والمال ، والولد ، على قاعدة :
«فزت ورب الكعبة» ، كما أن طعم الموت لابد أن يصبح لديه أحلى من العسل ..
ثم هو لابد أن يحزن ، ويبكي ، ويتحسر إذا فاته ذلك.
وبذلك يظهر : أن رابطة العشيرة ، والمصلحة ، وحمية الجاهلية ، وما إلى ذلك سوف لا يبقى لها تأثير يذكر في الدفع ، أو في الرفع ..
وقد أثبتت الوقائع في بدر وسواها هذه الحقيقة بما لا مزيد عليه.
المنطق القبائلي ، والمنطق الإيماني :
وقد حاول ابن مسعود أن يقدم لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» معادلة ترتكز إلى المنطق العشائري ، وإلى القيم الجاهلية ، في مغازيها ومراميها ، وذلك حين طالبه بالنظر في خيارين كلاهما مرفوض عشائريا وجاهليا ، وهما :
١ ـ أن يحتاج قومه بالحرب ، وهذا أمر لا ترضاه العقلية العشائرية ، وتعتبره من موجبات العار الذي لا يقدم عليه أحد يلتزم بهذا المنطق ، قال عروة : أن تجتاح قومك ، ولم يسمع برجل اجتاح قومه ، وأهله قبلك.
٢ ـ أن تكون نتيجة الحرب هي : أن يفر عنه أصحابه الذين هم أشواب (١) من الناس ، فيأسره قومه ، وهذا أمر لا يرضاه لنفسه ، فإن الأسر عار وذل أيضا ..
__________________
(١) أي خليط.