والكلمة المنسوبة إلى ابن أبي في هذا الموقف وهي قوله : «قد رأيت مثل هذا» وجدت آذانا صاغية ، تلقفتها ، وتركت لها أثرا في قلوبهم ، ودمرت أو فقل اخترقت جدار السكينة في نفوسهم ..
إستغفار الرسول صلىاللهعليهوآله لابن أبي :
وعن استغفار الرسول الأكرم «صلىاللهعليهوآله» لابن أبي ، حين طلب منه أن يستغفر له ، نقول :
قد يقال : أنه لا يصح ، وذلك لما يلي :
أولا : إنه لا ريب في أن المنافق مشرك في واقعه وحقيقته ، فإن كان ابن أبي منافقا ، فالمفروض : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» كان عارفا به ، فكيف يستغفر له ، وقد أنزل الله النهي عن الإستغفار للمشركين ..
ثانيا : إنه حتى لو لم تكن آية النهي عن الإستغفار للمشركين قد نزلت آنئذ ، فإن المنع من ذلك كان ثابتا في دين الحنيفية ، التي كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يتعبد بها ، فلم يكن يجوز له أن يفعل ذلك ، حتى لو كان ذلك المشرك غير مظهر لشركه ..
وقد قال تعالى مشيرا إلى ذلك : (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١).
ثالثا : إنهم يزعمون : حسبما تقدم في الجزء السابق : أن النبي «صلى الله
__________________
(١) الآية ١١٤ من سورة التوبة.