عليه وآله» قد نهى عن الاستغفار لأمه في غزوة بني لحيان ، وقد كان ذلك قبل الحديبية.
بل هم يزعمون : أن قوله تعالى : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ..) (١) قد نزلت قبل الهجرة بثلاث سنوات (٢).
ولم تقيّد الرواية هذا النهي بما يوجب التفريق بين المشرك المستتر بشركه ، والمشرك المعلن به ..
غير أننا نقول :
إنه لابد من تقييد هذه الآية وسواها ، بأن المقصود هو : الشرك المعلن دون سواه ، لأن المطلوب من النبي «صلىاللهعليهوآله» هو معاملتهم بما يوجبه ظاهر حالهم .. لا بما علمه «صلىاللهعليهوآله» من خلال علمه الخاص ، وهو علم النبوة ..
فإذا كانوا يعلنون أنهم على الإسلام ، يمارسون شعائره ، فلا يجوز إنكار ذلك عليهم ، ولا فضح أمرهم ، وذلك تأليفا لهم على الإسلام ، ولكي يعيشوا في أجوائه ، ليدخل الإيمان في قلوبهم بصورة تدريجية ، وليمكن أيضا لأبنائهم وعشائرهم ومن يلوذ بهم ، أو يتصل بهم أن يعيشوا مع المسلمين ، وليروا بأم أعينهم محاسن هذا الدين ، كما هو ظاهر.
فالنهي عن الاستغفار للمشرك ، إنما هو بالنسبة للمعلن بشركه ، لا
__________________
(١) الآية ٦ من سورة المنافقون.
(٢) راجع : كتابنا «ظلامة أبي طالب» ، وقد تقدم في الجزء السابق من هذا الكتاب ، حين الحديث عن استغفار النبي «صلىاللهعليهوآله» لأمه : أن هذه الآية : إنما نزلت لتأكيد إيمان أبي طالب «رحمهالله» فراجع.