فعبد المطلب كان وبقي رمزا عظيما بالنسبة للعرب ، ولم يكن يمكن لأحد أن يستهين بموقعه ، أو أن يتجاهل مكانته عند الله تعالى ، أو أن ينكر تقواه وقداسته ، خصوصا وأنه سيد مكة ، بل سيد العرب ، ولم يزل اسمه مرتبطا بالقداسات ، والكرامات ، والاستقامة على خط الخير والصلاح ، والسداد والفلاح ..
وقد ظهر لابن عبد المطلب وهو رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بالذات أكثر مما ظهر لجده من معجزات ، وكرامات وقداسات. وها هو قد جاء على صفة وحالة تظهر وتجسد ما هو عليه من التقوى والارتباط بالله ، وتعظيم البيت .. وذلك بصورة عملية قوية ، وقادرة على أن تحضر عبد المطلب نفسه إلى الذاكرة ، بل إلى المشاهدة بعين الباطن ، والضمير والوجدان.
فانتفض وجدان الحليس ، وانطلق ينذر بإعادة النظر في كل العقود والعهود التي كانت بين الأحابيش وبين قريش .. بل هو يتجاوز ذلك إلى أن يتهدد ويتوعد بأن ينفر مع الأحابيش كلها لنصرة محمد «صلىاللهعليهوآله» ..
وعلى قريش أن تأخذ هذا التهديد بعين الاعتبار ، فإن عروة بن مسعود الثقفي قد سبق الحليس في اتخاذ موقف رافض لهذه السياسة الظالمة ، وانسحب ومن تبعه إلى بلاده ..
وهذا بالذات هو بعض ما تخشاه قريش ، ويؤرقها ، ويقض مضاجعها.
تحليل ابن مسعود ليس دقيقا :
قد ظهر من النصوص المتقدمة :
أن عروة بن مسعود ، وإن كان في يوم الحديبية لا يزال مشركا ، ولكنه