٤ ـ ثم بيّن لهم أيضا : أن هناك ما يوجب المزيد من ضعف مصداقيتهم عند العرب ، حيث يرى الناس : أن حربهم معه «صلىاللهعليهوآله» في هذا الظرف ، وضمن دائرة هذه العروض التي يطرحها عليهم لا مبرر لها ، بل هي حرب ظالمة ، وعدوانية. والعدوان والظلم فيها يأتي من قبلهم .. فإن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يأت لقتال ، بل هو قد جاء ليمارس حقه ، الذي يقر له به القريب والبعيد ، والعدو والصديق ، إذ لم يكن في نظام زيارة البيت ، والحج إليه ، اشتراط : أن يكون ثمة انتقاء قرشي لزائريه ، ومعظّميه ، بل كان لكل من يرى لهذا البيت حرمة وقداسة ، الحق في زيارته وتعظيمه ..
٥ ـ ثم هو من جهة أخرى : يقدم الدليل الحسي ، الذي يلامس المشاعر ، ويتصل بالروح ، والقلب ، والذي لا بد أن يصارع نوازع الهوى ، ويرفض الاستسلام لإملاءاتها ، ويثير حالة صراع داخلي ، ربما يكون القلب والروح والضمير هو المنتصر فيها ..
والدليل الذي نتحدث عنه هو هذا الإحرام المعقود ، وهذه البدن التي أشعرها المحرمون ، وساقوها لينحروها في المحل الذي أذن الله تعالى بنحرها فيه ..
جواب قريش :
وكان جواب قريش دائما هو رفض جميع هذه العروض ، وأنها لا ترضى بأن يدخل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عليها مكة رغما عنها. وهي بذلك تتناقض مع كل الدلائل التي تشير إلى أنه «صلىاللهعليهوآله» لم يأت لقتال ، ولا يريد التوسل بالقوة لدخول مكة ..