الشورى في الحديبية :
وقد حاول البعض أن يدّعي : «أن في عامة تصرفات الرسول «صلىاللهعليهوآله» ، ما يدل على مشروعية الشورى ، وضرورة تمسك الحاكم بها.
وعمل النبي «صلىاللهعليهوآله» هنا يدل على طبيعة هذه الشورى ، والمعنى الذي شرعت من أجله. فالشورى في الشريعة الإسلامية مشروعة ، ولكنها ليست ملزمة. وإنما الحكمة منها استخراج وجوه الرأي عند المسلمين ، والبحث عن مصلحة قد يختص بعلمها بعضهم دون بعض ، أو استطابة لنفوسهم.
فإذا وجد الحاكم في آرائهم ما سكنت نفسه إليه ، على ضوء دلائل الشريعة الإسلامية وأحكامها أخذه ، وإلا كان له أن يأخذ بما شاء ، شرط أن لا يخالف نصا في كتاب ولا سنة ، ولا إجماعا للمسلمين ..
ولقد وجدنا أن النبي «صلىاللهعليهوآله» استشار أصحابه في الحديبية ، وأشار عليه أبو بكر بما قد علمت.
قال له : إنك يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت ، فتوجه له ، فمن صدنا عنه قاتلناه.
ولقد وافقه النبي «صلىاللهعليهوآله» في بادئ الأمر ، ومضى مع أصحابه ، متوجها إلى مكة حتى إذا بركت الناقة ، وعلم أنها ممنوعة ، ترك الرأي الذي كان قد أشير به عليه.
وأعلن قائلا : والذي نفسي بيده ، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.
وحينئذ تحول العمل عن ذلك الرأي الذي أبداه أبو بكر إلى أمر