وأظهرت الوقائع في بدر ، وأحد ، والخندق وغيرها : كيف تحول ما كان يراه الناس يتعرض للبوار والدمار ، والفناء المحتم ، إلى نصر مؤزر ، وفتح مبين ، ومدهش.
من أجل ذلك كله : فإنهم كانوا غير مستعدين للمغامرة معه ، بل لابد من حساب الأمور بدقة ، ولا بد لهم من رصد خططه «صلىاللهعليهوآله» ، حتى لا تنتهي الأمور إلى مفاجآت ماحقة لهم ..
كما أن عليهم أن يعرفوا : أن القوة الضاربة والمقاتلة لم يصبها أي وهن أو ضعف ، بل هي لو عرفت أنهم قد اعتدوا على من خلّفوه من نساء وأطفال وأموال ، سوف يتضاعف حماسها ، واندفاعها لإنزال أقسى الضربات بهم. وقد رأى الناس من هذا الجيش العجائب في الحالات العادية ، فكيف إذا تطورت الأمور على هذا النحو المثير.
وذلك كله يوضح : أن لا خوف على المدينة من أحد في غياب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حتى لو استمرت غيبته شهرا ، أو شهرين أو أكثر .. فلا معنى لخوف الأعراب ، ولا معنى لأن يتصوروا أن محمدا وأصحابه اكلة جزور لقريش ، وأنه لن يرجع هو وأصحابه من سفره هذا إلا إذا كان ثمة من يبث الشائعات ، ويخوف الناس لمصلحة قريش.
حضور المنافقين في الحديبية :
لقد اعتقد كثير من المنافقين : أنه ليس من مصلحتهم أن يكونوا مع النبي «صلىاللهعليهوآله» في سفره ذاك ، لأن ظواهر الأمور تشير إلى : أن مشركي مكة لن يمكّنوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من دخول مكة ،