الخروج إلى العمرة :
وأول ما ما يواجهنا من ذلك هو دلالات هذا التحرك الجديد ، الذي يدلنا على الأمور التالية :
١ ـ إن خروج النبي «صلىاللهعليهوآله» محرما ، معظما للبيت ، زائرا له ، من شأنه أن يطمئن أهل مكة ، ومن حولها إلى أنه «صلىاللهعليهوآله» لا يريد الحرب في تحركه هذا ، وأن بإمكانهم أن يشعروا بالأمن من هذه الجهة.
ولكن ذلك لا يمنع من أن يعتبر هذا التحرك في الوقت ذاته تحديا لزعماء الشرك ، وإقداما جريئا ، بل هو الغاية التي ما بعدها غاية في الجرأة .. على أمر يستبطن كسر عنفوان الشرك ، وهو يدل على شعور المسلمين بالقوة والعزة ، إلى حد أنهم يقتحمون على عدوهم داره ، ولا يخشونه.
٢ ـ وفيه أيضا تأكيد على حق الناس بمقدساتهم ، وبممارسة عباداتهم بحرية تامة ، وفق ما يعتقدونه وحسبما ثبت لهم.
٣ ـ وفيه أيضا إظهار لقريش على أنها باغية ومعتدية ، وأنها لا تملك من المنطق والحجة ما يبرر لها ذلك ، بل حجتها في هذا البغي هو ما تتوسل به من قوة وقهر ، وما تمارسه من ظلم وعدوان ..
٤ ـ والأهم من ذلك هو كسر هيبة الشرك والمشركين ، وقريش بالذات في المنطقة كلها ، وإفساح المجال للناس للاعتقاد بأن بإمكانهم التفكير بعيدا عن الضغوط التي يمارسها عليهم الآخرون ، وأن بإمكانهم أن يختلفوا مع قريش وأن يخالفوها إذا وجدوا الحق في خلافها.
٥ ـ إن الناس حين يشعرون بقوة هذا الدين ، فإنهم إن لم يتجرأوا على الدخول فيه ، سوف تكون لهم الجرأة على الدخول في تحالفات معه ، خصوصا