ولكن قريشا تطرح الأمور بهذه الطريقة التضليلية انسياقا مع كبريائها ، وتوسلا لتحقيق مآربها ..
وقد أوجب ذلك تصدعا قويا في صفوف الشرك ، وظهرت الإنقسامات ، وتجلى الضعف ، كما أظهرته الوقائع في الحديبية وبعدها ..
بيعة الرضوان وشائعة قتل عثمان :
وقد زعموا : أن السبب في دعوة الناس إلى بيعة الرضوان هو الشائعة التي سرت في الناس : من أن عثمان قد قتل في مكة ..
فدعا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الناس إلى البيعة ..
ونقول :
إن كون سبب البيعة هو هذه الشائعة موضع شك كبير ، لأنهم يقولون : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد بايع عن عثمان أيضا .. وذلك بأن وضع ـ أو ضرب ـ إحدى يديه على الأخرى ، وقال : «اللهم إن هذه عن عثمان الخ ..» (١).
فإن صح هذا ، فهو يدل على : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» والناس كانوا يعلمون بحياة عثمان ، فكيف يزعم الزاعمون : أن شائعة قتله كانت السبب في أخذ البيعة من الناس؟!
ودعوى : جواز أن يكون النبي «صلىاللهعليهوآله» قد عرف بحياته بعد البيعة ، ليس لها شاهد يؤيدها ، بل هي مجرد توهم واقتراح لعله من
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٧ وكتاب الأربعين للشيرازي ص ٥٨٨ والإصابة ج ٤ ص ٣٧٨ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣٤ والصراط المستقيم ج ٣ ص ٣٤.