النيل من هذه القوة الضاربة ، وأدركوا أن التمادي في التصدي لها لا يفيد إلا تعريض أنفسهم للمزيد من النكبات ، والبلايا ، والرزايا.
فالرأي الصواب هو : أن ينأوا بأنفسهم عن التعرض لها ، حتى حينما تخلو ربوعها من المقاتلين ، لأن مهاجمتهم للمدينة سوف يصاحبه تعرضهم لمن تبقّى فيها من النساء ، والأطفال ، وسبيهم ، واستلاب أموالهم ، ذلا شاملا ، وعقابا صارما وحازما ، لا طاقة لأحد به ، فقد عوّدهم المسلمون : أنهم يلاحقون من يعتدي عليهم ، وينزلون به القصاص العادل ولا يستطيع أن يفوتهم في كل زمان ومكان ..
٢ ـ وأما بالنسبة لليهود فالأمر لا يختلف عن ذلك أيضا ..
وقد جرب إخوانهم من بني النضير ، وقينقاع وقريظة ، نقض العهود ، والتحدي والتعدي على المسلمين ، فنزلت بهم الضربات الماحقة والساحقة ، في مرات ثلاث ، كانت كل واحدة أقسى عليهم من سابقتها ..
ولا يزال يهود خيبر ، وتيماء وغيرهما يعيشون الهلع من أن يكون مصيرهم هو نفس مصير أولئك .. وقد نبههم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بصورة قوية وحاسمة حينما جربوا القيام بخطوات عملية تؤدي إلى توجيه ضرباتهم للمسلمين ، فقد أنزل المسلمون ضربتهم القاضية بزعمائهم الغادرين ، الذين تصدوا لهذا الأمر .. فقتلوا أبا رافع سلام بن أبي الحقيق وأسير بن رزام .. وغيرهما ممن تقدم الحديث عنهم في هذا الكتاب.
٣ ـ ومن جهة أخرى ، فإن التجارب قد أظهرت لهم : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لا يترك لهم ولا لغيرهم ثغرة ينفذون منها تمكنهم من الإيقاع بالمسلمين بسهولة ، بل هو يراعي أدق التفاصيل ، ولا يهمل الاحتياط لأي طارئ.