سكنت الرياح ، بل حتى لو ساعدها هبوبها ، وخف وسهل عليها التنقل في كل ساح وناح.
١٢ ـ إن هذه الطيور التي يزداد ضعفها في حال طيرانها ، لا تملك قوة تمكنها من قذف محمولاتها إلى حد تستطيع معه إلحاق الأذى بمن تصطدم به مقذوفاتها تلك ، بل هي عاجزة عن ذلك تماما ..
هذا لو قلنا : إنها تستطيع حمل ما يكون له وزن يعتد به ، خصوصا في حال طيرانها ، إذا أخذنا بنظر الاعتبار مدى فعالية الوسائل التي جهزت بها لتحقيق طيرانها هذا ..
بل إنها حتى لو استطاعت أن تقذف بما تحمله ، باتجاه أي هدف كان ، فإن طبيعة هذا المقذوف تأبى أن يكون له أي تأثير على الغير ، بل يرتد تأثيره على نفسه بتلاشيه وتفرق أجزائه.
١٣ ـ ثم إن هذه الطيور قد حملت معها أشياء لا يمكن مقارنتها بما كان لدى جيش أبرهة من وسائل الوقاية والدفاع ، أو الهجوم والاندفاع. فالطيور كانت تحمل حبات صغيرة جدا كالعدسة (١) ليست من جنس الحديد ولا الفولاذ ، ولا من الحجارة القاسية ، ولا حتى من الخشب ، أو نحو ذلك ، بل هي من الطين الذي لا يتحمل الصدمة ، بل هو الذي يتأثر بها ، ولا يؤثر بالأجسام الأخرى شيئا ، خصوصا إذا كانت أجساما صلبة كالعظام ، أو الحديد ، الذي جعل خوذة للمقاتل ، أو نحو ذلك ..
__________________
(١) تفسير البرهان ج ٤ ص ٥٠٧ والتبيان ج ١٠ ص ٤١٠ والصافي ج ٥ ص ٣٧٧ عن الكافي ، والجامع لأحكام القرآن ج ٢٠ ص ١٩٢ ونور الثقلين ج ٥ ص ٦٧١.