فإن من يتفأل بالخير ، يتعامل مع الأمور بروح منشرحة ، ونفس مطمئنة وواثقة ، ويعيش السكينة ، والثقة بالله سبحانه بما قسمه له واعتباره خيرا ، حتى وإن كان الناس يجدون فيه مرارة وألما ، فيرضى بهذا الألم. ويتمثل له فيه الرضا الإلهي ، ويجد فيه الخير والمثوبة ، ورفعة الدرجة والزيادة. فهو لا ينظر إليه بعين المقت والرفض ، والوجل والخوف ..
بل يراه على أنه باب للخير والفلاح في الدنيا والآخرة.
أما المتشائم المتطير فهو يرى : أن الأشياء من حوله ضده ، ولها دور في تقويض سعادته ، وهدم كيانه ، فهو لا يأنس بها ، بل يعاديها ، ويمقتها ، ولا يرى أن الله تعالى هو المؤثّر والمبدّل والمغيّر ، بل يرى أنها هي الأقوى.
وبعد .. فإن لانشراح الروح والشعور بالسكينة والبهجة والرضا تأثيره في الأشياء التي تحيط بالإنسان ، حتى في الهواء ، والشجر ، والنبات ، وغيرها ، وكذلك الحال بالنسبة للكآبة والحزن ، والتردد والخوف ، وما إلى ذلك.
وقد يمكن تأييد ذلك : بما دلت عليه الآيات والروايات الكثيرة ، من أن للمعاصي والطاعات تأثيراتها في المحيط الذي يعيش فيه الإنسان ، وفي كثير من الأشياء حوله ، ومن ذلك ما دل على ظهور الأسواء ، والمفاسد ، مثل قوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ..) (١).
وروي : إذا كثر الزنى كثر موت الفجأة (٢). وغير ذلك كثير.
__________________
(١) الآية ٤١ من سورة الروم.
(٢) المحاسن ج ١ ص ١٠٧ والكافي ج ٢ ص ٣٧٤ وج ٥ ص ٥٤١ وعلل الشرايع ج ٢ ص ٥٨٤ وأمالي الصدوق ص ٣٨٥ وثواب الأعمال ص ٢٥٢ وتحف العقول ص ٥١ وروضة الواعظين ص ٤٢٠ و ٤٦٣ وشرح أصول الكافي ج ١٠