١٨٦ ـ أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سلمة بن كهيل قال : حدثنا زيد بن وهب : أنه كان في الجيش الذين كانوا مع الذين ساروا إلى الخوارج ، فقال علي : أيها الناس! إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «سيخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم شيئا ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئا ، ولا صيامكم إلى صيامهم شيئا ، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم ، وهو عليهم ، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلىاللهعليهوسلم لاتّكلوا عن العمل ، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ، وليست له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة ثدي المرأة ، عليه شعرات بيض» فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام ، وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم ، وأموالكم. والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا في سرح الناس ، فسيروا على اسم الله.
قال سلمة : فنزلني زيد منزلا منزلا حتى مررنا على قنطرة فلما التقينا على الخوارج عبد الله بن وهب الراسبي (١) فقال لهم : «ألقوا الرماح» وسلوا سيوفكم من جفونها ، فإني أخاف أن يناشدوكم. قال : فسلوا السيوف وألقوا جفونها وشجرهم الناس ـ يعني برماحهم ـ فقتل بعضهم على بعض ، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان. قال علي : التمسوا فيهم المخدج ، فلم يجدوه ، فقام علي بنفسه حتى أتى قتلى بعضهم على بعض قال : جردوهم ، فوجدوه مما يبلي الأرض ، فكبر علي ، وقال : صدق الله ، وبلغ رسوله صلىاللهعليهوسلم ، فقام إليه عبيدة السلماني فقال : يا أمير المؤمنين! والله الذي لا إله إلا هو سمعت هذا الحديث من رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : إي والله الذي لا إله إلا هو لسمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له (٢).
__________________
(١) عبد الله بن وهب الراسبي كان رأس الخوارج وقائدهم وأميرهم وهو من قبيلة بني راسب وقتل عبد الله في معركة النهروان.
(٢) رواه أبو داود في سننه ج ٥ ص ١٢٦.
ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج ٨ ص ١٧٠.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف ج ١٠ ص ١٤٧.