دخل قوم على الشبلي في مرضه الذي مات فيه ، فقالوا : كيف تجدك (١) يا أبا بكر؟ فقال :
إن سلطان حبه |
|
قال : لا أقبل الرّشا |
فسلوه ـ فديته ـ |
|
لم بقلبي (٢) تحرشا |
وسأل جعفر بن نصير (٣) بكران الدينوري ـ وكان يخدم الشبلي ـ : ما الذي رأيت منه؟ [يعني عند وفاته](٤) فقال : قال لي : عليّ درهم مظلمة ، وتصدقت عن صاحبه بألوف ، فما على قلبي شغل أعظم (٥) منه. ثم قال : وضئني للصلاة ، ففعلت ، فنسيت تخليل لحيته ، وقد أمسك على لسانه ، فقبض على يدي ، وأدخلها في لحيته ، ثم مات.
فبكى جعفر وقال : ما تقولون في رجل لم يفته في آخر عمره أدب من آداب الشريعة؟ ـ وفي رواية : ما يمكن أن يقال في رجل لم يذهب عليه تخليل لحيته في الوضوء في وقت نزع (٦) روحه ـ.
وقيل : دخل عليه قوم من أصحابه وهو في الموت ، فقالوا : قل لا إله إلّا الله. فأنشأ يقول (٧) :
إنّ بيتا (٨) أنت ساكنه |
|
غير محتاج إلى السّرج |
وجهك المأمول حجتنا |
|
يوم يأتي الناس بالحجج |
لا أتاح الله لي فرجا |
|
يوم أدعو منك بالفرج |
وقال بكير صاحب الشّبلي (٩) :
__________________
(١) في مختصر أبي شامة : نجدك ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) في تاريخ بغداد : بقتلى.
(٣) الخبر من طريقه رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٦ وأبو نعيم في الحلية ١٠ / ٣٧١ وابن الجوزي في صفة الصفوة ٢ / ٤٥٩ والمنتظم ١٤ / ٥١.
(٤) الزيادة للإيضاح عن تاريخ بغداد وصفة الصفوة والمنتظم.
(٥) في مختصر أبي شامة : «أعظم شغل منه» والمثبت عن تاريخ بغداد وصفة الصفوة. والمنتظم.
(٦) في حلية الأولياء : نزوع روحه.
(٧) البيتان الأول والثاني في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٦.
(٨) في تاريخ بغداد : كل بيت.
(٩) الخبر من طريقه في تاريخ بغداد ١٤ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ والمنتظم ١٤ / ٥٢ وفيه : أبو بكر غلام الشبلي وكان يعرف ببكير.