حكى عمن حدثه قال :
كان لنا شيخ قد صحبناه نتأدب به. فكنا معه ، فاشتد بنا الجوع ، فشكونا إليه ما نجده من شدة الجوع ، فقال : ويعرض لكم الجوع؟ ثم قال : أما إنكم لا تصحبوني بعدها. ثم أخذ إزارا ، فتباعد عنا ، ونحن ننظر إليه ، فجعل يسفي (١) فيه الرمل. ثم جمع طرفيه ، وحمله على كتفه ، وجاءنا به ، فوضعه بين أيدينا ، ثم قال : كلوا ، فإذا هو خبز حار ، فأكلنا ، ومضينا ، وما قدرنا نصحبه بعدها.
٨٤٦٦ ـ أبو الحسن الدّويدة
شاعر مشهور. حج ، واجتاز بدمشق في طريقه. وقيل اسمه علي بن أحمد بن محمّد.
ومن شعره :
ستور بيتك ذيل الأمن منك وقد |
|
علقتها مستجيرا أيّها الباري |
وما أظنّك لمّا أن علقت بها |
|
خوفا من النار تدنيني من النار |
وها أنا جار بيت قلت أنت لنا : |
|
حجّوا إليه ، وقد أوصيت بالجار |
وولد له ولد على كبر ، فقال :
رزقتك يا محمّد بعد يأس |
|
وقد شابت من الرأس القرون |
فبعضي ضاحك طربا وبعضي |
|
من الإشفاق مكتئب حزين |
مخافة أن تروّعك الليالي |
|
بفقدي ، أو تعاجلك المنون |
وله في أبي اليسر شاكر بن زيد بن عبد الواحد بن سليمان :
يا أبا اليسر ، غدا اليس |
|
ر بكفّيك دفاقا (٢) |
فقت في السبق إلى السّؤ |
|
دد والمجد البراقا (٣) |
بالذي زادك ما زا |
|
د أعاديك احتراقا |
لا تقل إن لم أكن ذا |
|
حاجة لا نتلاقى (٤) |
إنّما أدعوك للأم |
|
ر إذا اشتدّ وضاقا |
__________________
(١) سفت الريح التراب واليبيس والورق تسفيه سفيا : ذرته ، أو حملته ، والسفى : التراب وإن لم تسفه الريح.
(٢) سيل دفاق بالضم ، يملأ جنبتي الوادي ، والدفاق أيضا : المطر الواسع الكثير.
(٣) البراق : كغراب اسم دابة ركبها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج ، وكانت دون البغل وفوق الحمار ، سمي بذلك لنصوع لونه وشدة بريقه ، وقيل : لسرعة حركتها (تاج العروس : برق).
(٤) في مختصر أبي شامة : ما نتلاقا.