قال محمّد بن عائذ : أخبرنا الوليد بن مسلم (١) حدّثني إسماعيل بن عياش :
أن رجلا من الجيش أتى أبا الأبيض العبسي (٢) بدابق (٣) قبل نزولهم على الطوانة (٤) ، فقال : رأيت في يدك قناة فيها سنان يضيء لأهل العسكر كضوء كوكب ، فقال : إن صدقت رؤياك ، إنّها للشهادة (٥). قال : فاستشهد في قتال أهل الطّوانة.
قال ابن عائذ : فحدّثني محمّد بن يحيى الثقفي أنّ أبا الأبيض قال هذه الأبيات :
ألا ليت شعري هل يقولنّ قائل |
|
وقد حان منهم عند ذاك قفول : |
تركنا ، ولم نجنن من الطير لحمه |
|
أبا الأبيض العبسيّ وهو قتيل |
فعري أفراسي ، ورنّت (٦) حليلتي |
|
كأن لم تكن بالأمس ذات حليل (٧) |
وذي أمل يرجو تراثي ، وإنّ ما |
|
يصير له منه غدا لقليل |
وما لي تراث غير درع حصينة |
|
وأجرد من ماء الحديد صقيل |
وقيل (٨) : إن أبا الأبيض خرج مع العباس بن الوليد في الصائفة ، فقال أبو الأبيض : رأيت كأنّي أتيت بتمر وزبد ، فأكلته ، ثم دخلت الجنّة. فقال العباس : نعجّل لك الزّبد والتّمر ، والله لك بالجنّة. فدعا له بتمر وزبد ، فأكله. ثم لقي أبو الأبيض العدو ، فقاتل حتى قتل.
قال الليث :
وفي سنة ثمان وثمانين غزا مسلمة (٩) ، وعباس بن أمير المؤمنين طوانة.
قال الوليد بن مسلم (١٠) :
__________________
(١) من طريقه رواه المزي في تهذيب الكمال ٢١ / ٧.
(٢) في تهذيب الكمال : العنسي.
(٣) تحرفت في تهذيب الكمال إلى : دانق.
(٤) الطوانة بضم أوله ، وبعد الألف نون ، بلد بثغور المصيصة (معجم البلدان).
(٥) كذا عند أبي شامة وتهذيب الكمال ، وفي مختصر ابن منظور : الشهادة.
(٦) أي صاحت صيحة حزينة.
(٧) في البيت إقواء.
(٨) الخبر نقله المزي عن المصنف في تهذيب الكمال ٢١ / ٧.
(٩) تحرفت في مختصر أبي شامة إلى : سلم. والصواب ما أثبت ، راجع تاريخ خليفة ص ٣٠٢.
(١٠) تهذيب الكمال ٢١ / ٧.