عمر ، ما هذا؟!
قال : أمر الله تعالى (١).
ونقول :
إن لنا على هذا النص العديد من الملاحظات ، نذكر منها :
١ ـ إن هذا الذي انهزم مع الجماعة ، لم يرض أن ينسب لنفسه المشاركة في الهزيمة ، فلم يقل : انهزم الناس وانهزمت معهم.
بل قال : «انهزم الناس ، فانهزمت معهم» ، فاستعمل الفاء ، بدلا عن الواو ، وكأنه يريد الإيحاء : بأنه لم يكن يريد هذا الأمر ، ولا شارك فيه ، بل هم الذين انهزموا ، فتبعهم. لأنهم قد اضطروا إلى ذلك ..
٢ ـ إن كلام عمر يشير : إلى أن الناس لا ذنب لهم في هذه الهزيمة ، لأن الله تعالى هو الذي فعل ذلك بهم ، فإن كان ثمة من اعتراض ، فلا بد أن يوجه إليه تعالى ، لا على المنهزمين.
وبذلك يكون قد برّأ نفسه من عار الهزيمة ، وسلم تبعاتها ..
٣ ـ لم يقدم عمر دليلا على ما يدّعيه من أن امر الله هو السبب فيما حصل .. إلا أن من الواضح : أنه اعتمد على عقيدة الجبر الإلهي ، وقد قلنا اكثر من مرة : أن هذه العقيدة من بقايا عقائد المشركين ، والظاهر أنهم أخذوها من اليهود ، فراجع كتابنا : أهل البيت «عليهمالسلام» في آية
__________________
(١) السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٦٢٤ وراجع ص ٦٢٣ عن البخاري ، وبقية الجماعة ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٣٦ وتفسير القمي ج ١ ص ٢٨٧ والبحار ج ٢١ ص ١٥٠ والمغازي للواقدي ج ٣ ص ٩٠٤.