الثاني : إن ظهور هذا الدين في مجتمع ليس فيه مثل وقيم ، وعلم ومعارف ، وتدبير وسياسة ، وحكمة وما إلى ذلك. لا بد أن يكون من أكبر الأدلة على أنه هو الأصلح للبشر ، والأوفق بفطرتهم ، والمنسجم مع خصوصيات خلقتهم .. كما لا بد أن يعد ذلك من معجزات النبوة ، ودلائل التسديد بالوحي الإلهي ، والهداية والرعاية الربانية.
وكما كان هذا حال النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فإنه أيضا حال علي «عليهالسلام» على قاعدة : «ولك مثلها يا علي» (١). فقد كانت له «عليهالسلام» معجزة مماثلة حيث حقق أعظم الإنتصارات على أقوى الأعداء نفوذا ، وأكثرهم في الناس آنئذ احتراما وتقديسا ، على يد أناس هم إلى أولئك الأعداء أميل ، وهم بهم أشبه وأمثل ، وكانوا يرون الكون معهم أولى وأجمل ، والإلتزام بتعاليمهم ونهجهم ، أصوب وأفضل ..
وذلك في حربه «عليهالسلام» للناكثين والقاسطين والمارقين ، حتى قال : أنا فقأت عين الفتنة ، ولم يكن ليجرؤ عليها أحد غيري. ولو لم أكن فيكم ما قوتل الناكثون ، ولا القاسطون ، ولا المارقون (٢).
__________________
(١) راجع : ما جرى في غزوة الحديبية عند كتابة العهد ..
(٢) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج ٢ ص ٣٧٤ و ٣٧٥ وتاريخ الأمم والملوك ج ٤ ص ٦٦ والأخبار الطوال ص ٢١١ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٩٣ وشرح النهج للمعتزلي ج ٧ ص ٥٧ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للمير جهاني ج ١ ص ١٠٣ وراجع ج ٢ ص ٣٤٦ والغارات للثقفي ج ١ ص ٧ وراجع ص ١٦ وج ٢ ص ٦٧٧ وشرح الأخبار ج ٢ ص ٣٩ و ٢٨٦ والملاحم والفتن لابن طاووس ص ٢٢١ وتذكرة الخواص ص ١٠٥ عن الواقدي ،