إصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة ، وبالأنصار الذين آووا ونصروا».
قال : فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إلا عطفة الإبل على أولادها (أو عطفة البقر على أولادها ، أو عطفة النحل على يعسوبها) حتى ترك رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كأنه في حرجة ، فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» من رماح الكفار (١). انتهى.
فقالوا : يا لبيك ، يا لبيك ، يا لبيك.
قال : فيذهب الرجل يثني بعيره ، ولا يقدر على ذلك ، أي لكثرة الأعراب المنهزمين ـ كما ذكره أبو عمر بن عبد البر ـ فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ، ويأخذ سيفه وترسه ، ويقتحم عن بعيره ، فيخلي سبيله ، فيؤم الصوت ، حتى ينتهي إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله».
حتى إذا اجتمع منهم مائة ، استقبلوا الناس ، فاقتتلوا هم والكفار. والدعوة في الأنصار : يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، وكانوا صبّرا عند الحرب.
وأشرف رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في ركابيه ، فنظر إلى مجتلدهم ، وهم يجتلدون ، وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، فقال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «هذا حين حمي الوطيس» أو (الآن حمي الوطيس).
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٣ والمعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ٢٩٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٣٣ ص ٢٥٧ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٦٦ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٨٤.