وهذا يعني : أن الشكوى لغير الله لا تثمر شيئا ، بل هي ليست بشكوى ، لأن غير الله لا يستطيع أن يدفع ، ولا أن يمنع .. والإنسان العاقل لا يعبث ولا يلعب. بل إن الشكوى لغير الله ـ والحالة هذه ـ تمثل نكرانا لفضله تبارك وتعالى ، وهذه خطيئة لا يمكن أن تصدر من المعصوم. ولذلك قال «صلىاللهعليهوآله» : وإليك المشتكى.
ج : وإذا كان الله تعالى وحده هو القادر ، والقاهر ، والحكيم ، والعليم ، والرؤوف الرحيم ، والمعطي والمانع. وإذا كانت المخلوقات كلها تستمد منه ، وتفتقر إليه. فلا معنى للإستعانة بسواه. لأن ذلك من السفه الذي لا يصدر عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أيضا. ولذلك قال «صلىاللهعليهوآله» : وأنت المستعان.
د : وإذا كانت هذه هي العقيدة الراسخة بالله تبارك وتعالى ، وهي خلاصة نظرة الإنسان إلى الكون وما فيه ، وإلى الحياة بكل مظاهرها ..
وإذا تمحض في الإخلاص والصدق في هذا الدعاء المرتكز إلى ذلك الإيمان الراسخ ، فسوف يتحقق بعمق وصدق مفهوم قوله تعالى : (ادْعُونِي). ويكون لا بد من الإستجابة لمن يدعوه تعالى ولا يدعو غيره .. ويرجوه ولا يرجو غيره ..
ولا بد بعد هذا أن ننتظر تحقق المعجزات ، وقد تحققت في حنين فعلا ، كما تحققت لموسى «عليهالسلام» من قبل ، وشاهد تحقق المعجزات في حنين : أن الله تعالى قد هزم عشرات الألوف بسيف علي «عليهالسلام» وحده. بعد أن أمد الله رسوله «صلىاللهعليهوآله» والمؤمنين بجنود لم يروها ، تماما كما حصل في حرب بدر العظمى ..