ولم يكن لعبد الله والد النبي «صلىاللهعليهوآله» شهرته.
٥ ـ والأهم من ذلك كله : أنه «صلىاللهعليهوآله» ـ كما ذكر في الروايات المتقدمة ـ قد نزل عن بغلته حين غشيه الأعداء ، وذلك مبالغة منه في إظهار الإصرار على الثبات والصبر مهما كانت النتيجة ، فإن توهم أحد أن للبغلة أي أثر في حفظ نفسه الشريفة «صلىاللهعليهوآله» ، أو التسريع في خروجه من دائرة الخطر ، فإن نزوله عنها يبدد هذا الوهم ، ويمحو أثره من الوجود ..
يضاف إلى ذلك : أن ذلك يتضمن مواساة منه «صلىاللهعليهوآله» لمن ثبت وجاهد ، وعرّض نفسه للخطر ، أو لاحتمالاته ، أو احتمالات الضرر ، فإنه «صلىاللهعليهوآله» لا يرغب بنفسه عن أنفسهم.
٦ ـ ثم إن هناك تصعيدا آخر في موقفه الحازم والصارم هذا ، وهو : أن الروايات قد ذكرت : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد تجاوز موضوع اختيار البغلة كمركوب له في ساحات الخطر ..
ثم النزول عنها ليصبح راجلا.
ثم تعريف الناس بمكانه ، وبصوته ، وأنه ما زال على قيد الحياة.
نعم .. لقد تقدم خطوة أخرى باتجاه الخطر الهائل الذي يتحاشاه أعظم الناس بطولة وبسالة ، وأشدهم إقداما ، وشجاعة .. وهو أنه حين غشوه ، وأصبح راجلا ، صار يتقدم باتجاه أعدائه ..
ولا شك في أن هذا سيفاجئ الأعداء ، ويصدمهم ، ويثير أمامهم احتمالات تزلزلهم ، وتشوش الموقف أمام أعينهم ، وستختلط عليهم الأمور ، وتتناقض المشاعر ، وسيفهمون ذلك على أنه كرامة ، بل معجزة ، لا يجوز لهم متابعة التحدي لها ، لأن ذلك سيعرضهم لأخطار لم يحسبوا لها