وهو يناجي جبريل عند باب المسجد ، فقال جبريل : «يا محمد ، من هذا»؟
قال رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «حارثة بن النعمان».
فقال جبريل : هو أحد المائة الصابرة يوم حنين ، لو سلّم لرددت عليه ، فأخبر رسول الله «صلىاللهعليهوآله» حارثة ، قال : «ما كنت أظنه إلا دحية الكلبي واقفا معك» (١).
ونقول :
قد حاول بعضهم أن يدّعي : أن لا منافاة بين روايتي الثمانين والمائة .. على اعتبار : أن الذي تحدث عن المائة ـ وهو ابن عمر ـ نفى أن يكونوا مائة ، وأثبت أنهم أقل ، وابن مسعود أثبت كونهم ثمانين (٢).
ولكن هذا التوجيه إن أفاد في رواية ابن عمر ، فإنه لا يفيد في رواية حارثة بن النعمان ، فإنها تصرح : بأن الذين ثبتوا كانوا مائة رجل بالتحديد ، فراجع الرواية المشار إليها آنفا.
وإن أمكن إثارة احتمال الخطأ أو المبالغة بالنسبة لحارثة بن النعمان ، فلا يمكن إثارة هذا الإحتمال بالنسبة لجبريل ، على أن احتمال المبالغة لا مورد له ، لأن المقام مقام تحديد ، وبيان العدد ، وليس مقام مبالغة.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٩ عن الواقدي ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ١٠٩ و (ط دار المعرفة) ص ٦٧ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ ص ٤٨٨ وراجع :
الإستيعاب ج ٣ ص ١٢٢٠ وأسد الغابة ج ٤ ص ١٤٧.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٣٢٣ وفي هامشه عن : المعجم الكبير للطبراني ج ٧ ص ٣٥٨ وتهذيب تاريخ مدينة دمشق ج ٦ ص ٣٥١ وراجع : فتح الباري ج ٨ ص ٣٠ وتحفة الأحوذي ج ٥ ص ٢٧٤.