نابذوه وقاتلوه ملكا له ، يتصرف فيهم كيف يشاء ، وأصبح مالهم ماله ، فاستعارة الدروع من صفوان لا تجعل لصفوان يدا عند رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، لأن صفوان ودروعه ملك له «صلىاللهعليهوآله».
يضاف إلى ذلك : أنه قد يقال : إن اقتراضه «صلىاللهعليهوآله» هذا لم يكن لاستفادته الشخصية ، بل هو لأجل حفظ الدين والدفع عن المؤمنين ، فليس لهم أن يمنّوا على شخص النبي «صلىاللهعليهوآله» بما يعود نفعه لغيره.
فإن قلت : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد حرر أهل مكة ، وقال لهم :
اذهبوا فأنتم الطلقاء. فكانت الأموال لأهلها ، فإن أعاروها له «صلىاللهعليهوآله» كانت يدا لهم عنده.
ونجيب :
أولا : إنه «صلىاللهعليهوآله» قال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، ولم يقل لهم : اذهبوا فأنتم الأحرار. والطليق مقابل المقيد ، والأسير. والعبد مقابل الحر .. وإطلاق الأسير يعطيه القدرة على التنقل والحركة ، سواء أكان هذا الطليق عبدا أو حرا.
وإنما لم يقل لهم : اذهبوا فأنتم الأحرار ، لإمكان أن يوهموا الناس بأن مقصود النبي «صلىاللهعليهوآله» هو تقرير حقيقة ثابتة منذ الأزل. فاختيار كلمة : أنتم الطلقاء تعني من جهة : سبق العبودية لهم. وهي من جهة أخرى تبقي الأمر مؤرجحا بين احتمالين :
أحدهما : أنه قد حررهم بنفس هذه الكلمة.
والثاني : أنهم لا زالوا على عبوديتهم ، ولكنه يعطيهم الحرية في التصرف كتصرف الأحرار.