ونقول :
إن علينا أن ننظر إلى هذه الروايات التي تتحدث عن الإمداد بالملائكة بتروّ وأناة ، وليس لأحد ان يبادر إلى رفضها ، بل نخضعها للبحث والتحقيق ، ما دام أن مضمونها ليس من المحالات العقلية.
وفي غزوة بدر صرحت الآيات القرآنية : بأن الله تعالى قد أمدّ رسوله فيها بالملائكة.
كما أن القرآن نفسه قد صرح عن حنين أيضا بقوله : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (١) ، فلماذا نستغرب أمثال هذه الروايات التي تتحدث عن رؤية الناس والملائكة في ساحات القتال؟! أو نبادر إلى رفضها؟ أو إلى التشكيك فيها؟!.
ولعلك تقول : إن ظاهر الآية القرآنية هو : أن الإمداد بالجنود قد كان بعد أن ولى المسلمون مدبرين ، وهذه الرواية تتحدث عن مرحلة ما قبل بدء الحرب.
يضاف إلى ذلك : أن الآية تصرح : بأن الناس لم يروا الجنود.
والرواية تقول : بأنهم قد رأوها.
ويمكن أن يجاب :
أولا : إن رؤية الجنود المنفية في الآية الكريمة هي رؤية المؤمنين لهم ، وأما رؤية الكافرين لهم ، فلم تتحدث الآية عنها ، وقد كان المطلوب أن يرى
__________________
(١) الآية ٢٦ من سورة التوبة.