المناقشة في ما أفاده صاحب الحدائق |
وفيه : ما تقدم من أنّ مطلق اللحن إذا لم يكن على سبيل اللهو ليس غناء ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «وإيّاكم ولحون أهل الفسق» نهي عن الغناء في القرآن.
ثم إنّ في قوله : «لا يجوز تراقيهم» إشارة إلى أنّ مقصودهم ليس تدبّر معاني القرآن ، بل هو مجرّد الصوت المطرب.
لا منافاة بين حرمة الغناء في القرآن وبين ما روي في الترجيع بالقرآن |
وظهر مما ذكرنا أنّه لا تنافي بين حرمة الغناء في القرآن وما ورد من قوله صلوات الله عليه : «وَرَجّعْ بالقرآن صوتك ، فإنّ الله يحبّ الصوت الحسن» (١) فإنّ المراد بالترجيع ترديد الصوت في الحلق ، ومن المعلوم أنّ مجرّد ذلك لا يكون غناء إذا لم يكن على سبيل اللهو ، فالمقصود من الأمر بالترجيع أن لا يقرأ كقراءة عبائر الكتب عند المقابلة ، لكن مجرد الترجيع لا يكون غناء ؛ ولذا جعله نوعاً منه في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يرجّعون القرآن ترجيع الغناء».
وفي محكي شمس العلوم : أنّ الترجيع ترديد الصوت مثل ترجيع أهل الألحان والقراءة والغناء (٢) ، انتهى.
وبالجملة ، فلا تنافي بين الخبرين ، ولا بينهما وبين ما دلّ على حرمة الغناء حتى في القرآن ، كما تقدم زعمه من صاحب الكفاية تبعاً في بعض ما ذكره من عدم اللهو في قراءة القرآن وغيره لما ذكره
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٨٥٩ ، الباب ٢٤ أبواب قراءة القرآن ، الحديث ٥.
(٢) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم في اللغة ثمانية عشر جزءاً ، كما في كشف الظنون ، وفي بغية الوعاة : في ثمانية أجزاء ، وهو لنشوان بن سعيد ابن نشوان اليمني الحميري ، المتوفّى سنة ٥٧٣ ، انظر الذريعة ١٤ : ٢٢٤.