فالأحوط الاقتصار على ذكر المتجاهر بما لا يكرهه لو سمعه ولا يستنكف من ظهوره للغير.
نعم ، لو تأذّى من ذمّه بذلك دون ظهوره ، لم يقدح في الجواز ؛ ولذا جاز سبّه بما لا يكون كذباً.
بيان الفارق بين السبّ والغيبة |
وهذا هو الفارق بين «السبِّ» و «الغيبة» ؛ حيث إنّ مناط الأوّل المذمّة والتنقيص فيجوز ، ومناط الثاني إظهار عيوبه فلا يجوز إلاّ بمقدار الرخصة.
الثاني :
تظلّم المظلوم أدلّة الاستثناء |
تظلّم المظلوم وإظهار ما فعل به الظالم وإن كان متستراً به كما إذا ضربه في الليل الماضي وشتمه ، أو أخذ ماله جاز ذكره بذلك عند من لا يعلم ذلك منه ؛ لظاهر قوله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) (١) وقوله تعالى (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ) (٢) فعن تفسير القمي : «أي لا يحبّ أن يجهر الرجل بالظلم والسوء ويظلم إلاّ من ظُلم ، فأطلق له أن يعارضه بالظلم» (٣).
وعن تفسير العياشي ، عنه صلوات الله عليه : «من أضاف قوماً فأساء ضيافتهم (٤) فهو ممن ظلم ، فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه» (٥).
__________________
(١) الشورى : ٤١ ٤٢.
(٢) النساء : ١٤٨.
(٣) تفسير القمي ١ : ١٥٧.
(٤) في النسخ : إضافتهم ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) تفسير العياشي ١ : ٢٨٣ ، الحديث ٢٩٦.