فلما كان في بعض الأيام نزل في مكان ، فلم نجد بداً من أن ننازله فيه ، فبينما نحن نتغدى بطعام لنا إذا أقبل رسول الحسين عليهالسلامحتى سلم علينا.
ثم قال : يا زهير بن القين إن أبا عبدالله عليهالسلام بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كل إنسان منا ما في يده حتى كأنما على رؤوسنا الطير.
فقالت له زوجته ـ وهي ديلم بنت عمرو (١٩١) ـ : سبحان الله ، أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه ، فلو أتيته فسمعت من كلامه.
فمضى إليه زهير ، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه ، فأمر بفسطاطه فقوض وبثقله ومتاعه فحول إلى الحسين عليهالسلام.
وقال لامرأته : أنت طالق ، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير ، وقد عزمت على صحبة الحسين عليهالسلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي (١٩٢) ، ثم أعطاها مالها وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها.
فقامت إليه وودعته وبكت ، وقالت : خار (١٩٣) الله لك ، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين عليهالسلام.
ثم قال لأصحابه : من أحب منكم أن يصحبني ، وإلا فهو آخر العهد مني (١٩٤) به.
__________________
(١٩١) أو ديلم بنت عمر.
وهي التي قالت لغلام لزهير بعد شهادته : انطلق فكفن مولاك ، قال : فجئت فرأيت حسيناً ملقى ، فقلت : اكفن مولاي وأدع حسيناً! فكفنت حسيناً ، ثم رجعت فقلت ذلك لها ، فقالت : أحسنت ، وأعطتني كفناً آخر ، وقالت فكفن مولاك ، ففعلت.
ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات ، المطبوع في مجلة تراثنا ، العدد ١٠ ص ١٩٠ ، وراجع أيضاً أعلام النساء المؤمنات : ٣٤١.
(١٩٢) ع : لأفديه بنفسي وأقيه بروحي. والمثبت من ب.
(١٩٣) ع : وقالت : كان الله عوناً ومعيناً خار.
(١٩٤) مني ، لم يرد في ر.