ـ إما أن يكون مبتدأ النية فيه التقديم ، ونعم الرجل خبره فيكون تقديره :
زيد نعم الرجل ثم أخرته على هذه النية.
ـ وإما أن يكون على كلامين ، كأنك لما قلت : نعم الرجل فأبهمته ولم يعرّف به شيء بعينه قيل لك : من هو؟ فقلت : زيد. على تقدير : هو زيد.
ورد أبو العباس محمد بن يزيد ـ على سيبويه ـ ترجمة الباب وألزمه فيه المناقضة ؛ لأنه قال : هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا ثم جاء بعده :
نعم الرجل عبد الله فجاء بالرجل مظهرا.
والذي أراده سيبويه : أنه لا يعمل في المعروف إلا مضمرا إذا بني ذاك المعروف على أن يفسر بما بعده ولا يكون ذاك إلا مضمرا. وشبهه بقولك : إنه كرام قومك ، وإنه ذاهبة أمتك ، فالهاء إضمار الحديث الذي يأتي بعده ولا يجيء إلا مضمرا ؛ لأنه قد لزمه التفسير.
وكذلك الاسم الذي تعمل فيه (نعم) ويبنى على التفسير لا يكون إلا مضمرا.
قال : فإن قال قائل : قد ذكرتم في قولنا : نعم الرجل زيد وجهين : أن زيدا مبتدأ في نية التقديم وتقديره : زيد نعم الرجل. فهل يجوز على هذا القياس أن تقول : زيد قام الرجل ، فالجواب أن هذا لا يجوز لأنه ليس في الخبر ما يعود إلى الاسم.
فأما زيد نعم الرجل فالضرورة فيها خاصة أدت إلى جعل الظاهر بمنزلة المضمر ؛ لأن في شرط (نعم وبئس) أن يقع بعدهما ما يدل لفظه على الجنس الذي يستحق به المدح والذم فلا بد من ذكر ذلك الظاهر.
وصار ذكر الظاهر بمنزلة المضمر الذي ينعقد به خبر الابتداء.
ومن أجل ذلك قال سيبويه : عبد الله نعم الرجل ، الرجل هو : عبد الله لأن الرجل قد قام مقام ضميره.
وأما قولهم : نعم رجلا عبد الله فإن في (نعم) ضميرا قدم على شريطة التفسير ، وتفسيره : النكرة التي بعده. والمضمر فيها معرفة من لفظ تلك النكرة.
ومما قدم من الضمائر على شريطة التفسير : إنه كرام قومك وإنه ذاهبة فلانة. ومنه قولهم : ربّه رجلا. وليست الهاء بضمير شيء جرى ذكره ، لو كانت ضمير شيء قد جرى ذكره لصارت معرفة ، ولم يجز أن تلي (رب) لأنها لا يليها إلا نكرة. ولكنها