يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)(١) وقال : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)(٢) إلا أنه قد يجوز النصب بالواو والفاء وقد بلغنا أن بعضهم قرأ (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ، فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٣) ويقول : إن تأتني فهو خير لك وأكرمك ، وإن تأتني فأنا آتيك ، وأحسن إليك.
وقال الله ـ تعالى ـ : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ)(٤). والرفع هاهنا وجه الكلام ، وهو الجيد لأن الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء ، فجرى الفعل هاهنا كما كان يجري في غير الجزاء.
وقد بلغنا أن بعض القراء قرأ : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ ، وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(٥) وذلك لأنه حمل الفعل على موضع الكلام ، لأن هذا الكلام في موضع يكون جوابا ، لأن أصل الجزاء الفعل ، وفيه تعمل حروف الجزاء ، ولكنهم قد يضعون في موضع الجزاء غيره.
ومثل الجزم هاهنا النصب في قوله :
فلسنا بالجبال ولا الحديدا (٦)
حمل الآخر على موضع الكلام وموضعه موضع نصب ، كما كان موضع ذلك موضع جزم.
وتقول : إن تأتني فلن أؤذيك وأستقبلك بالجميل ، فالرفع هاهنا الوجه إذ لم يكن محمولا على (أن) كما كان الرفع الوجه في قوله : ـ تعالى ـ : (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ)(٧) وفي قوله : فهو خير لك وأكرمك.
ومثل ذلك إن أتيتني لم آتك وأحسن إليك ، فالرفع الوجه إذا لم تحمله على (لم) كما كان ذلك في (لن).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١١١.
(٢) سورة محمد ، الآية : ٣٨.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٨٤.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٧١.
(٥) سورة الأعراف ، الآية : ١٨٦.
(٦) البيت ورد منسوبا لعقيبة الأسدي أو عبد الله بن الزبير ، في ابن يعيش ٢ / ١٠٩.
(٧) سورة البقرة ، الآية : ٢٧١.