فتقول : هذا ضربين ورأيت ضربينا ومررت بضربين ، وإنما دخلت النون على ضربوا فيمن قال أكلوني البراغيث ؛ لأن الواو في أكلوني علامة للجمع ، وليست بضمير فاحتجت إلى أن تأتي بالنون معها ، وذلك أنا لو سمينا رجلا بضرب ، لقلنا : هذا ضرب ، ورأيت ضربا ، ومررت بضرب ، فتجري عليه من الحركات والتنوين ما تجريه على الاسم الذي أصله اسم ، فإذا كان في الاسم علامة الجمع التي هي الواو وجب أن تكون معها النون ؛ لأن النون عوض من الحركة والتنوين وقد وجبت الحركة والتنوين بالتسمية في الواحد وهذا من أجود علة فيه.
وعلة أخرى : أن هذه الواو كانت في الأصل معها نون ، وإنما سقطت النون في الماضي ؛ لأنه مبني على الفتح ، والنون في مثل هذا الفعل إنما تدخل علامة للرفع ، فإذا كان الفعل منصوبا أو مجزوما أو مبنيا سقطت النون ، فإذا سمينا به رجعت النون ، ولا تسقط من الاسم إلا بأن يضاف فيقال : هذا ضربو بلدك ورأيت ضربي بلدك ، فالإضافة في الاسم كالنصب ، والجزم ، والبناء في الفعل وذلك كله يسقط النون.
وإن سميته بضربا في قول من قال : فأما أخواك ، رددت النون ، وكان الاختيار أن يحكى لفظ التثنية ، فتقول : هذا ضربان ورأيت ضربين ، ومررت بضربين.
ويجوز أن يجعل الإعراب في النون ، فيكون ما قبلها ألفا على كل حال وتجري مجرى عثمان ، فتقول : هذا ضربان ، ورأيت ضربان ومررت بضربان.
والكلام في نونه كالكلام في لحاق النون في ضربوا ، وقد تكلم الزجاج وغيره ، فيما يلحقه الواو ، والنون ، على غير وجه الجمع ، وهو أن تسمي الرجل باسم تزاد فيه الواو ، والنون ، مختلفا لتسمية المسمى بما لم تتكلم به العرب ، كقولهم : حمدون ، وعيدون ، ونمرون وزيدون.
فإذا جعل ذلك اسما مع الواو والنون ، كان فيه وجهان أحدهما أن تجعل الإعراب في النون ، وتلزمه الواو على كل حال فيقال : هذا حمدون ، وعبدون ، ورأيت حمدونا وعبدونا ، ومررت بحمدون وعبدون ، فيصير بمنزلة زينون وعرجون.
ويلزم الإعراب النون والواو لازمة قبل النون.
ويجوز أن يجعل بمنزلة الجمع فيقال : هذا عبدون ، وحمدون ورأيت عبدين ، وحمدين في هذا الوجه.