ثقافة تؤمن بالحوار والعقلانيّة والانفتاح ، تلك الخصائص التي تهيّئ أجواء الإجابة عن سؤال الحياة الكبير .. فإنّنا لا نفتقد الخزين الفكري ولا نخشى تصدّع القواعد وتزلزل الاُسس ، بقدر ما نخاف ضعف الأدوات التي لازلنا نفتقر النوعي منها ، الأدوات التي تعني ـ أحياناً ـ الخروج عن المألوف والتقليدي نحو فكّ عرى المغلق الموصد والمقدّس المركون الذي علا عليه غبار التعبّد وبنى قواطعه وحواجزه.
أقول : طالما يكون الخوف قرين التشبّث بالقشور كما الشجاعة قرينة التمسّك بالعمق والجذور ، ونحن فريقان تكادحا منذ غابر الأيّام لينال كلٌّ نصيبَه المسانخ لأفكاره ومراميه ، ولا شكّ أنّ شجرة الدين لم تقم كالحياة الدنيا التي مثّلها النصّ السماوي (كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ) ، إنّما هي (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّماءِ) .. والنفس المطمئنّة لا محالة تهوي إلى العمق والجذور لتحلّق في فضاء اليقين بكلّ عزّ وشموخ.
وبذلك فينبغي عليّ ـ أنا المسلم ـ أن أفهم الأشياء كما ينبغي عليّ فهمها ، وهذا يعني بطبيعة الحال انتفاضاً على كثير من المعاني والأفهام السائدة وإعادة انتشار للقطعات المعرفيّة والفكريّة أنّى احتاجت ذلك.
إنّنا يجب أن نخرج عن نسق الببغائيّة والظواهر الصوتيّة والركائز الزبديّة ... فلقد تغيّرت الأذهان وما عادت تجنح إلى هذه الوسائل ; بفعل استطراد الوعي وأدواته والانفتاح العلمي المثير ، لذا بات علينا أن نكون