كسائر الناس ، لكنّك بحكم كيانك الحالي لا يمكن لك استخدام الأدوات المتاحة لبلوغ رغباتك الخاصّة ومطامحك الذاتيّة ، بنحو من الحرّيّة ; خشية إثارة التساؤلات وإن كانت ضعيفةً ، ناهيك عن التي تثير استفهامات عريضة .. أنت الآن في شامخ المرتبة والجلالة فلا يمكن لك إلاّ أن تُبقي ـ ولو ظاهراً ـ على التصوّر المقبول فيك لدى عموم الناس بتجاوزك عن كلّ ما يخدش كيانك ورفعتك ; إذ أنت ثروة نوعيّة وملك للجميع ، ومثال الاُمّة ونموذجها الراقي ; فلا يعقل حالئذ أن تتجاهر أو تصرّ على المجاهرة برغباتك الذاتيّة غير مكترث بمشاعر الجمهور ولا مهتمّ بالنقد بشطريه ، ولا آبه بخدش القيم والمبادئ.
إنّك وبهذا الحال ، عليك بالدقّة والتأمّل والضبط ، فحتى الثغرة التي تفتح اُفقاً ونافذةً على مطامحك الخاصّة يجب أن تردم وتقفل. وبدون ذلك فالكارثة كبيرة والألم عظيم والإحباط هائل والعواقب وخيمة ، ليس عليك فقط ، فهذا ليس هامّاً جدّاً ، بل على الاُمّة والمجتمع وكلّ الناس .. والأنكى أنها تُلقي بظلالها المعتمة على المفاهيم والاُسس التي آمنت بها الاُمّة وجعلتك نموذجاً ومثالاً تصديقيّاً لها ، فإذا ما حصلت النكسة وبدأت الردّة وشاع الانتقام وتفشّى الانحراف وحلّ الاستهزاء بالقيم التي جاهدت الأنبياء والأوصياء الشرفاء والصالحون من أجل ترسيخها في أعين ومشاعر وعقول الناس ، فما الذي بإمكانه أن يوقف هذا الإعصار والسيل الجارف؟! إنّها الفتنة بذاتها التي لا تصيب الذين ظلموا خاصّة ، بل ستحرق الكلّ بنارها الرهيبة.
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً).