والأخلاق ، هنا تختلّ المعادلات وتضطرب الموازين ، فيحضر الفرع ويغيب الأصل ، يبرز العَرَض ويختفي الجوهر ، تتأ لّق الذيليّة والتبعيّة الجوفاء ، تنمو الصنميّة والحربائيّة والببغائية ، تتراجع العقلانيّة والمنهجيّة والأصالة ...
والمؤسف أنّها محسوبة طرّاً على خانة الدين ، مثلما عُدّت حركة معاوية بن أبي سفيان في توريث الخلافة ووأد الديمقراطيّة الإسلاميّة ـ حسب تعريف الغرب لها ـ قرّة عين المناوئ الشامت بديننا ، الذي راح يصنّفها من أدبيّات الدين ومفهوماً من مفاهيمه ، وغيرها من الموارد الكثيرة ، التي منحتهم الحجّة للتشهير بنا وبقيمنا ومبادئنا ، وآخرها ثقافة التكفير والقتل والترويع والإرهاب ، حيث وضعت النقاط على الحروف ليعلن المناوئ موقفه القاسي تجاه الدين ويشنّ حملته المنهجيّة لحذف الشريعة من قاموس الحياة ، وبذلك بهت لون العقلانيّة والحوار اللذين نادينا بهما طويلاً.
ولسنا أحسن حظّاً من غيرنا ونحن نعاني داخل الفضاء المشترك بمعناه الأخصّ من اجتهادات وتصوّرات وقناعات خاضعة لمشارب مختلفة مقبولة أو مرفوضة ، فمنها ما يكتفي بالشعارات والمظاهر والقشور ، ومنها ما يعالج الاُمور بطريقة راديكاليّة ، وثالث يحاول الجمع بين التراث والحداثة ، بين الأصالة والتجديد ، ورابع ارثوذكسي تقليدي بمعنى الكلمة ، وخامس يستخدم الأدوات والآليات العلميّة لقراءة الدين قراءةً تحفظ الاُصول والثوابت وتتكيّف مع الحاضر بلا خضوع وتبعيّة