وهي : أن يُتعامَل مع النصّ تعاملاً حَرْفياً ظاهريّاً ـ على افتراض الجهلين ـ بلا جهد معرفي علمي يستوعب القراءات المعمّقة التي تعني الأخذ به إلى حيث يأخذ موقعه الطبيعي كصادر سماوي يلفظ العبث واللغو ويفتح باباً واسعاً وفضاءً رحباً للتطوّر الدلالي والعقلانيّة اللتين هما ـ ثبوتاً وإثباتاً ـ معلمين من معالم التكيّف والتواصل الدائم مع الحدث زمكانيّاً ... هذا التعامل لا يمكن له أن يوقف ديناميكيّة النصّ وحركته الموّاجة وجاهزيّته الدائمة للإجابة عن سؤال الحياة الكبير.
لذا باتت التفسيرات التي تشلّ النصّ وتسلبه الحيويّة والنشاط معروفة النوايا والمقاصد ، وما عادت تنطوي على فضاءات الفكر والثقافة ، فالحسابات الرياضيّة البحتة فيما يتعلّق بآية (مَنْ جاءَ بِالحَسَنَةِ ...) التي استُحسِنت من النصّ ما هي إلاّ محاولات لتبرير وتوجيه الرغبة الذاتيّة المتحرّكة بالأهواء والميول الدنيويّة المتنافية مع رغبة الشريعة وحقيقة النصّ ; إذ الحسنة في الآية ـ كما تبيّن وكما هو شأن النصّ ـ يراد بها : التوبة والإيمان ، اللذان لا يجتمعان مع السيّئة والمعصية والانحراف ، لا أن تُعقَد معادلات مادّيّة بنسبة واحد إلى عشرة ، تفتح باب التسيّب والترهّل والانحطاط على مصراعيه ، وتؤسّس لقراءات تجافي الجوهر والاُصول ويستشري عبرها النمط القشري النفعي الضاغط باتّجاه تلبية المرامي الذاتيّة على حساب المصالح النوعيّة.