ويحقّ لنا بعد ما عرضناه أن نختلف ـ إلى حدٍّ ما ـ مع بعض محقّقي أفاضلنا حين أعاد جلّ الفضل في تكاملية علم الاُصول الشيعي إلى الإعداد العلمي الضخم الذي سبق مدرسة الشيخ الأنصاري (قدس سره) ، المتجسّد بعطاء أمثال : المحقّق القمّي صاحب القوانين ، صاحب الفصول ، شريف العلماء ، النراقي ، صاحب الضوابط ، وغيرهم .. غير منكرين عظمة الدور الذي اضطلع به أمثال هؤلاء الأجلاّء ; لكنّنا نراها سلسلة مترابطة متجانسة امتدّت من زمن النبي الخاتم والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) حتى بلغت مبلغها زمن الشيخ الأعظم (قدس سره).
يقول محقّقنا الفاضل (١) :
وقد سبق ظهور هذه المدرسة ـ مدرسة الشيخ الأنصاري (قدس سره) ـ إعداد علمي ضخم على مستوى ضخامة المدرسة وأفكارها ، ودخل علم الاُصول مواجهة فكرية ، وفي صراع علمي بين المجتهدين والأخباريين مدّة تزيد على قرنين من الزمان.
وقد أكسبت هذه المعركة علم الاُصول قوّة ومتانة واستحكاماً يؤهّله لمثل هذا التطوّر الهائل الذي حدث في مدرسة الشيخ الأنصاري (قدس سره).
والذي يتأمّل الكتب التي كُتبت في علم الاُصول في فترة الصراع ـ كالوافية للفاضل التوني (قدس سره) والقوانين للمحقّق القمّي (قدس سره) والفوائد الحائرية للوحيد البهبهاني (قدس سره) ـ يلمس بوضوح هذه الحقيقة.
__________________
١. الشيخ محمد مهدي الآصفي في : المنهجيات المعاصرة لعلم الاُصول من عصر الشيخ الأنصاري (قدس سره) حتى اليوم ، المنشورة في مجلة دراسات اُصولية ، العدد ٤ و٥ ص ٩٨.