بالنسخ أو الإحكام من خلال منقذ البشرية وخاتم الرسل والأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله) ، تجلّت علائم الولاية وبرزت شامخة كالطود الأشمّ ; حيث إنّه (صلى الله عليه وآله) أرسى قواعد الرسالة المقدّسة وحصرها في محورين لا ثالث لهما :
الأوّل : كتاب الله ، أي القرآن الكريم.
الثاني : العترة الطاهرة ، أي الأئمّة المعصومين (عليهم السلام).
ولدواعي كثيرة ـ أهمّها البغض والحسد وطمع الدنيا ـ نال المحور الثاني أشدّ الطعنات وأقسى الهجمات ، فقد نشأت منذ الفترات الاُولى التي تلت رحلة النبي (صلى الله عليه وآله) جبهات وتيّارات غاية همّها حرف الاُمّة وإبعادها عن قادتها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) ، ورميها في شراك الضلال والضياع.
ولا شك أنّ خوض المواجهة مع هذا المحور يعني بالضرورة إنكار المحور الأوّل ; لابتناء الحقيقة الدينية وتركّبها من كليهما ، فإمّا الأخذ بهما معاً وإلاّ فلا إيمان ولا اعتقاد.
وهذا الأمر لم يمنع الكثير من أهل الفكر والعلم والمعرفة ـ من غير الشيعة ـ من التصدّي لإبراز جوانب من سيرة أهل البيت (عليهم السلام) التي تعكس رقيّ منزلتهم وعظمة شأنهم وغاية فضيلتهم ، وهذا ممّا يساهم في تفتّح العقول والأذهان في درك معنى الولاية والمنصب الذي منحه الله إيّاهم (عليهم السلام) ، ولا عجب في ذلك ، فهم الملاذ الذي تأوي إليه النفوس في زمن التيه والانحطاط ، ومُغني الأرواح في عصر البؤس العقائدي والتشتّت المبدئي.