حدث عن بشر بن موسى ، ومحمّد بن العبّاس اليزيدي ، ومحمّد بن أحمد المقدمي ، وطبقتهم ، وكان أخباريا أديبا ، شاعرا متكلما. روى عنه ابنه أحمد ، والحسن ابن الحسين النوبختي وأبو عبد الله المرزباني.
أخبرنا التنوخي ، حدثني أبو الفتح أحمد بن عليّ بن هارون بن يحيى بن المنجم ، حدثني أبي قال : كنت وأنا صبي لا أقيم الراء في كلامي وأجعلها غينا ، وكانت سني إذ ذاك أربع سنين ـ أو أقل أو أكثر ـ فدخل أبو طالب المفضل بن سلمة ـ أو أبو بكر الدّمشقيّ ـ شك أبو الفتح ـ إلى أبي وأنا بحضرته ، فتكلمت بشيء فيه راء فلثغت فيها ، فقال له الرجل : يا سيدي لم تدع أبا الحسن يتكلم هكذا؟ فقال له : وما أصنع وهو ألثغ؟ فقال له ـ وأنا أسمع وأحصل ما يجري وأضبطه ـ أن اللثغة لا تصح مع سلامة الجارحة ، وإنما هي عادة سوء تسبق إلى الصبي أول ما يتكلم بتحقيق الألفاظ ، أو سماعه شيئا يحتذيه ، فإن ترك على ما يستصحبه من ذلك مرن عليه ، فصار له طبعا لا يمكنه التحول منه ، وإن أخذ بتركه في أول نشوئه استقام لسانه وزال عنه ، وأنا أزيل هذا عن أبي الحسن ولا أرضى فيه بتركك له عليه. ثم قال لي : أخرج لسانك ، فأخرجته فتأمله فقال : الجارحة صحيحة ، قل يا بني راء ، واجعل لسانك في سقف حلقك ، ففعلت فلم يستو لي فما زال يرفق بي مرة ، ويخشن على أخرى ، وينقل لساني إلى موضع موضع من فمي ويأمرني أن أقول الراء فيه ، فإذا لم يستو نقل لساني إلى موضع آخر دفعات كثيرة في زمان طويل ، حتى قلت راء صحيحة في بعض تلك المواضع التي نقل إليها لساني ، فطالبني بإعادتها وألزمني ذلك حتى استقام لساني وذهبت اللثغة ، فأمر أن أطالب بهذا أبدا ، ويتقدم به إلى معلمي ومن يحفظني ، وأوخذ بالكلام به ولا يتسمح لي بالغلط فيه ، ففعل ذلك ومرنت عليه ، وما لثغت إلى الآن. قال التنوخي : وحدثني أبو الفتح أنه رأى إنسانا يلثغ في جميع الحروف حتى جعل السين ثاء ، والثاء سينا ، والكاف لاما ، واللام كافا ، وذلك يفعل في جميع الحروف لا يقصد حرفا فيمكنه أداؤه ، فإذا قصد غيره جرى على لسانه ذلك الحرف الأول صحيحا في مكان الحرف الثاني ، وهذا دليل على أن اللثغة سوء عادة.
حدثني هلال بن المحسن قال : مات عليّ بن هارون بن المنجم يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ، وكان مولده لتسع خلون من صفر سنة ست وسبعين ومائتين.