فقه الحياة أو الأحكام :
يتبين من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن صحف أعمال الأبرار مدونة في السجل الكبير وهو الكتاب المسطر البيّن الكتابة ، الذي يتميز بعلامته الخاصة ، ويشهد عمل الأبرار مقربو كل سماء من الملائكة. وهذه أضداد كتاب الفجار.
وبالمقارنة بينهما يتبين أن العلو والفسحة والضياء والطهارة من علامات السعادة ، والسفل والضيق والظلمة من علامات الشقاوة. والمقصود من وضع كتاب الفجار في أسفل السافلين وفي أضيق المواضع : إذلال الفجار وتحقير شأنهم. والمقصود من وضع كتاب الأبرار في أعلى عليين وشهادة الملائكة لهم بذلك : إجلالهم وتعظيم شأنهم (١).
٢ ـ بعد أن عظم الله تعالى كتاب الأبرار عظم منزلتهم ، فأبان أنهم في نعيم الجنة. ووصف كيفية ذلك النعيم بأمور ثلاثة :
أولها ـ على الأرائك ينظرون ، أي على الأسرة في الحجال ينظرون إلى ما أنعم الله به عليهم ، من الكرامات ومن أنواع النعم في الجنة من الحور العين والولدان ، وأنواع الأطعمة والأشربة والملابس والمراكب وغيرها ، قال صلىاللهعليهوسلم : «يلحظ المؤمن ، فيحيط بكل ما آتاه الله ، وإن أدناهم يتراءى له مثل سعة الدنيا».
ثانيها ـ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، أي بهجته وغضارته ونوره ، والنظر المقرون بالنضرة هو رؤية الله عزوجل ، على ما قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة ٧٥ / ٢٢ ـ ٢٣].
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣١ / ٩٧