روى أبو داود الطيالسي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قال جبريل : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت ، فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه».
فقوله : (فَمُلاقِيهِ) يعود الضمير إلى العمل من خير أو شر ، وقيل : يعود الضمير على قوله (رَبِّكَ) أي فملاق ربك ، ومعناه : فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك.
ثم ذكر أحوال الناس وانقسامهم إلى فريقين يوم القيامة ، فقال : الفريق الأول ـ المؤمنون : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ، فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ، وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) أي فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه وهم المؤمنون ، فإنه يحاسب حسابا سهلا ، بأن تعرض عليه سيئاته ، ثم يغفرها الله ويتجاوز عنها ، من غير أن يناقشه الحساب ، فذلك هو الحساب اليسير.
روى أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير عن عائشة رضياللهعنها قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من نوقش الحساب عذّب ، قالت : فقلت : أفليس الله تعالى قال : (فَسَوْفَ يُحاسَبُ ... يَسِيراً)؟ قال : ليس ذاك بالحساب ، ولكن ذلك العرض ، ومن نوقش الحساب يوم القيامة عذّب».
وهذا الذي يعطى كتابه بيمينه ويحاسب حسابا يسيرا بالعرض يرجع إلى أهله وعشيرته في الجنة مغتبطا فرحا مسرورا بما أعطاه الله عزوجل وما أوتي من الخير والكرامة.
روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنكم تعملون أعمالا لا تعرف ، ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله ، فمسرور أو مكظوم».
ونظير الآية قوله : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ ، فَيَقُولُ : هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ ، إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ ، فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة ٦٩ / ١٩ ـ ٢١].