٢ ـ ماذا يمنع الكفار عن الإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم واليوم الآخر والقرآن بعد ما وضحت لهم الآيات وقامت الدلالات؟!
وماذا يمنعهم عن الخضوع والسجود للقرآن عند سماعه ، بعد ما عرفوا أنه معجز ، وهم أرباب الفصاحة والبلاغة؟! وهذا توبيخ على أنهم لا ينظرون في الدلائل حتى يورثهم الإيمان والسجود عند تلاوة القرآن.
٣ ـ جمهور العلماء على أن هذه الآية : (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) موضع سجدة تلاوة ، بدليل ما تقدم في الصحيح عن أبي هريرة أنه قرأ : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) فسجد فيها ، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سجد فيها.
وقال الإمام مالك : إنها ليست من عزائم السجود ، لأن المعنى : لا يذعنون ولا يطيعون في العمل بواجباته. وعقب على ذلك ابن العربي ونقله عنه القرطبي قائلا : والصحيح أنها منه ، أي من عزائم السجود ، وهي رواية المدنيين عنه ، أي عن مالك ، وقد اعتضد فيها القرآن والسنة (١).
٤ ـ الواقع أن الكفار يكذبون الدلائل الموجبة للإيمان وتوابعه ، وإن كانت جلية ظاهرة ، وتكذيبهم بها إما لتقليد الأسلاف ، أو عنادا ، أو حسدا ، أو خوفا من أنهم لو أظهروا الإيمان ، لفاتتهم مناصب الدنيا ومنافعها.
والله عالم بما يضمرونه في أنفسهم من التكذيب والشرك والعناد وسائر العقائد الفاسدة والنيات الخبيثة ، فهو يجازيهم على ذلك.
__________________
(١) أحكام القرآن لابن العربي : ٤ / ١٨٩٩ ، تفسير القرطبي : ١٩ / ٢٨٠ ـ ٢٨١