عنده أن يكرم الله العبد بطاعته وتوفيقه ، المؤدي إلى حظ الآخرة ، وإن وسّع عليه في الدنيا حمده وشكره.
والله لا يريد من عبده إلا الطاعة والسعي للعاقبة الآخرة ، وأما الإنسان فلا يريد ذلك ، ولا يهمه إلا الدنيا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها.
٢ ـ أكّد تعالى المعنى السابق بكلمة (كَلَّا) للرد على سوء فهم الإنسان ، وزجرا وردعا له عن اعتقاده وتصوره السابق ، فليس الأمر كما يظنّ ، بأن الغنى لفضله ، والفقر لهوانه ، وإنما الغنى والفقر من تقدير الله وقضائه ، وعلى العبد أن يحمد الله عزوجل على الفقر والغنى. جاء في الحديث : «يقول الله عزوجل : كلا ، إني لا أكرم من أكرمت بكثرة الدنيا ، ولا أهين من أهنت بقلتها ، إنما أكرم من أكرمت بطاعتي ، وأهين من أهنت من أهنت بمعصيتي»(١).
٣ ـ أخبر الله تعالى عما كان الناس يصنعونه من ترك برّ اليتيم ومنعه من الميراث ، وأكل ماله إسرافا وبدارا أن يكبروا ، وأنهم لا يأمرون أهليهم بإطعام مسكين يجيئهم ، وأكلهم ميراث اليتامى والنساء والصبيان أكلا شديدا وجمعا شاملا ، ومحبتهم المال حبّا جمّا ، كثيرا ، فقد كان أهل الشرك لا يورّثون النساء ولا الصبيان ، بل يأكلون ميراثهم مع ميراثهم ، وتراثهم مع تراثهم ، وكانوا يجمعون المال دون تفرقة بين الحلال والحرام.
وهذا ما يشيع الآن كثيرا في العالم ، بل بين المسلمين أنفسهم.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ٥٢