ثم ردّ الله عليه أوهامه وزجره على مزاعمه ، فقال :
(كَلَّا ، لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) أي زجرا له وردعا ، فليس الأمر كما زعم ولا كما حسب ، بل ليلقين ويطرحن هذا الذي جمع ماله هو وماله في النار التي تحطم أو تهشم كل ما يلقى فيها.
ثم هوّل عليه شأن النار وعرفها له ، فقال :
(وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ ، نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ) أي وما أعلمك ما هذه النار ، وأي شيء هي؟ فكأنها لا تدركها العقول ، هي نار الله الموقدة المستقرة بأمر الله سبحانه ، التي لا تخمد أبدا.
وفائدة وصف جهنم بالحطمة مناسبتها لحال المتكبر المتجبر بماله ، المترفع على غيره ، فهي تكسر كسرا كل ما يلقى فيها ، لا تبقي ولا تذر.
وإضافة (نارُ اللهِ) للتفخيم ، أي هي نار ، لا كسائر النيران.
ثم وصف النار بأوصاف ثلاثة هي :
(الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ، فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) أي التي تعلو القلوب وتغشاها بحرها الشديد ، وتحرقهم وهم أحياء. والقلوب أشد أجزاء البدن تألما ، وخصت بالذكر لأنها محل العقائد الزائغة ، والنيات الخبيثة ، وسوء الأخلاق من الكبر واحتقار الناس ، والأعمال القبيحة.
وهي عليهم مطبقة ، مغلقة عليهم أبوابها جميعا ، فلا منافذ ، ولا يستطيعون الخروج منها ، كما قال تعالى : (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ) [البلد ٩٠ / ٢٠] ، وقال سبحانه : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ ، أُعِيدُوا فِيها ..) [الحج ٢٢ / ٢٢].