العدو عنهم ، فكان يجب عليهم المبادرة إلى الإيمان برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، وعبادة الله ، وشكره على نعمائه.
٤ ـ كان إرسال الطير عليهم إرهاصا للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وأما بعد تقرير نبوته فلم يكن هناك حاجة إلى الإرهاص ، لذا لم يعذب الحجّاج بتخريب البيت ، ولأنه لم يكن قاصدا التخريب ، وإنما أراد شيئا آخر ، وهو قتل ابن الزبير.
٥ ـ شبه تدميرهم وإهلاكهم وصيرورتهم بعد قصف الطير بالحجارة بصورة قبيحة حقيرة ، تدل على حقارة كفرهم ، وصغار نفوسهم ، وهوانهم على الله ، وتلك الصورة ورق يابس أو تبن تعصف به الريح ، أكلته الدواب وراثته ، أي كفضلات البهائم ، وذلك يدل أيضا على فنائهم التام ؛ لأنه أراد تشبيه تقطيع أوصالهم بتفريق أجزاء الروث.
إلا أن هذا التشبيه جاء على منهج القرآن في أدبه الرفيع ، مثل قوله تعالى في تشبيه عيسى وأمه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) [المائدة ٥ / ٧٥].
وإنما سلط الله العذاب على أصحاب الفيل ، ولم يسلطه على كفار قريش الذين ملؤوا الكعبة أوثانا ؛ لأن أصحاب الفيل قصدوا التخريب ، وهذا تعد على حق العباد ، ووضع الأوثان فيها قصدوا به التقرب إلى الله ، وهو مع ذلك تعدّ على حق الله تعالى ، وحق العباد مقدّم على حق الله تعالى.
٦ ـ قال ابن مسعود : لما رمت الطير بالحجارة ، بعث الله ريحا ، فضربت الحجارة فزادتها شدّة ، فكانت لا تقع على أحد إلا هلك ، ولم يسلم منهم إلا رجل من كندة ، فقال :
فإنك لو رأيت ولم تريه |
|
لدى جنب المغمّس ما لقينا |
خشيت الله إذ قد بث طيرا |
|
وظلّ سحابة مرّت علينا |
وباتت كلّها تدعو بحق |
|
كأن لها على الحبشان دينا |