(إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) أي إن مبغضك يا محمد ، ومبغض ما جئت به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع عن خيري الدنيا والآخرة ، والذي لا يبقى ذكره بعد موته. وهذا رد على ما قال بعض المشركين وهو العاص بن وائل عن النبي صلىاللهعليهوسلم لما مات ابنه عبد الله من خديجة : إنه أبتر ، وهذا قول ابن عباس ومقاتل والكلبي وعامة أهل التفسير. والأبتر من الرجال : الذي لا ولد له. وعن ابن عباس : نزلت في أبي جهل. وهذا يعم جميع من اتصف بعداوة النبي صلىاللهعليهوسلم ممن ذكر في سبب النزول وغيرهم. قال الحسن البصري رحمهالله : عنى المشركون بكونه أبتر : أنه ينقطع عن المقصود قبل بلوغه ، والله بيّن أن خصمه هو الذي يكون كذلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت السورة على ما يأتي :
١ ـ أعطى الله عزوجل نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم مناقب كثيرة ، وخيرا كثيرا عظيما بالغا حد النهاية ، ومنه نهر في الجنة ، كما روى البخاري ومسلم وأحمد والترمذي عن أنس.
وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك. وماؤه أحلى من العسل ، وأبيض من الثلج» وقال : هذا حديث حسن صحيح.
وقيل : إنه حوض النبي صلىاللهعليهوسلم في الموقف ، كما جاء في حديث مسلم المتقدم عن أنس.
وهذان القولان هما أصح الأقوال ، فيكون الكوثر شاملا نهرا في الجنة ، وحوضا ترد عليه أمة النبي صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة.