أهل له ، ومن أجلّ النّعم على نبي الله وأمته تحقيق النصر والغلبة على الأعداء ، وفتح مكة عاصمة العرب والإسلام ، ومقر البيت الحرام أو الكعبة المشرفة قبلة المسلمين.
وتوج الله سبحانه هذه النعمة العظمى بنعمة كبري أخرى هي دخول العرب وغيرهم في دين الإسلام جماعات ، فوجا بعد فوج. وذلك لما فتحت مكة ، قالت العرب : أمّا إذا ظفر محمد بأهل الحرم ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل ، فليس لكم به يدان ، أي طاقة. فكانوا يسلمون أفواجا : أمّة أمّة.
٢ ـ لهذا ختم الله هذه السورة بأمر الله نبيه بالإكثار من الصلاة ، والتسبيح لله ، أي تنزيه الله عن كل ما لا يليق به ولا يجوز عليه ، والحمد لله على ما آتاه من الظفر والفتح ، وسؤال الله الغفران مع مداومة الذكر ، والله كثير القبول للتوبة على المسبّحين والمستغفرين ، يتوب عليهم ويرحمهم ، ويقبل توبتهم.
والأمة أولى بذلك ، فإذا كان صلىاللهعليهوسلم ، وهو معصوم ، يؤمر بالاستغفار ، فما الظن بغيره؟
روى مسلم عن عائشة قالت : «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يكثر من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، قالت : فقلت : يا رسول الله ، أراك تكثر من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله ، وأتوب إليه؟ فقال : خبّرني ربي أني سأرى علامة في أمتي ، فإذا رأيتها أكثرت من قول : سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه ، فقد رأيتها : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) ـ فتح مكة ـ (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ، وَاسْتَغْفِرْهُ ، إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً).
٣ ـ دين الله هو الإسلام لقوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) [آل عمران ٣ / ١٩] وقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ، وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [آل عمران ٣ / ٨٥].